languageFrançais

حكاية أنور الإرهابي الذي استشهد والده لإنقاذه من داعش

أثبتت التحقيقات الأولية في قضيّة الإرهابي محمد أنور بيوض ابن الشهيد الدكتور فتحي بيوض  أنه انضمّ وزوجته، التي تزوجها على غير الصيغ القانونية، إلى تنظيم داعش الإرهابي وأنه تلقّى تدريبات على الأسلحة الحربية في مدينة الموصل العراقية، كما أثبتت التحقيقات أنه اتصل بوالده طالبا إنقاذه أمام ما لاحظه من وحشية التنظيم الارهابي.


وتوصلت التحقيقات أيضا إلى أنه تمكن من الفرار بعد التعامل مع الجيش السوري الحر، كما اضطرّ للتعامل مع بعض عصابات التهريب والاختطاف مقابل الفدية. 


وتوجه أنور يوم الثامن من نوفمبر 2015 من جينيف السويسرية قادما من تونس الى مدينة تركيا رفقة صديقته التي التحقت به من فرنسا الى سويسرا في نفس التاريخ. 


اتجها سويا إلى تركيا ومنها إلى الحدود مع العراق، وقد تَوَلَّى  مهربون بالتنسيق مع مجموعات مرتبطة  بما يسمّى داعش  نقله إلى مدينة الموصل التي كان يسيطر عليها التنظيم الإرهابي.
 
وبعد فترة من إقامته  في الموصل تمّ سجنه لمدّة تقارب الشهر شاهد خلالها بشاعة ممارسات المسلحين الإرهابيين التابعين لداعش حينها قرّر الهرب لكن تمّ منعه من ذلك الاّ أنه اتصل بوالده العميد بالجيش التونسي وطبيب الأطفال بالمستشفى العسكري، فقام بدوره بإبلاغ السلطات التونسية، التي بدأت بالعمل على إرجاع ابنه بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية.


وجرى التنسيق أمنيا عسكريا وديبلوماسيا مع السلطات التركية ليتم إخراج الإرهابي أنور بيوض من مناطق نفوذ داعش في العراق إلى منطقة الرقة السورية ومنها إلى مدينة حلب حيث تم الإبقاء عليه لدى ما يسمّى بالجيش السوري الحر لمدّة شهرين قبل أن يتم تسليمه يوم 18 جوان الماضي بالتنسيق مع مهربين الى السلطات التركية التي قررت إيقافه "وزوجته" وإيداعهما السجن ثم إحالتهما بعد ذلك على محكمة أصدرت في شأنهما حكما بالترحيل الى تونس.


و تمكن والده فتحي بيوض من لقائه وأعلم والدته بأن ابنهما أصبح بيد السلطات الأمنية التركية على الحدود مع سوريا وطلب منها السفر إلى تركيا لملاقاته ومرافقته عند ترحيله.

 

ويذكر أن أنور بيوض تم استقطابه من قبل إمام مسجد في منطقة حي النصر بالعاصمة ،وقد أذنت النيابة العمومية سنة 2014 بإيقاف هذا الإمام وعزله من الإمامة ليتم إطلاق سراحه بعد ذلك بقرار من قاضي التحقيق . فبعث جمعية بمنزله وظفّها لاستقطاب الشباب ليتم إيقافه مجددا ثم إطلاق سراحه.


يوم الثلاثاء الماضي 28 جانفي كان العميد فتحي بيوض في انتظار زوجته بمطار أتاتورك بإسطنبول وقبل حوالي ربع ساعة من اللقاء، هزت انفجارات ارهابية المطار فأودت بحياة 41 شخصا من بينهم الطبيب التونسي.


تم نقل جثمان الفقيد ووري الثرى في مدينة قصور الساف بالمهدية يوم الجمعة 1 جويلية وقبل أن ينتهي اليوم حطت طائرة الخطوط الجوية التونسية في مطار تونس قرطاج وكان على متنها الإرهابي أنور بيوض "وزوجته" وقررت النيابة العمومية ايقافه وإحالته على الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب بالعوينة. 


لم يكن هذا الشاب على علم بإنّ الذين انتصر لهم وحمل سلاحهم وساعد جرحاهم، هم أنفسهم الذين قتلوا والده في تركيا وهم أنفسهم الذين حرموه من شخص ضحّى من أجله دون حدود، إحدى الإرساليات القصيرة التي وجهها الأب إلى ابنه قبل يوم جاء فيها " ابني العزيز أنا فداك" .


  خلال ساعات التحقيق أعلم المحققون الإرهابي أنور بأن والده كان أحد ضحايا التنظيم الإرهابي داعش الذي انتمى إليه ومات من أجله، فانهار  الشاب وأصيب بحالة انفعال هستيري استوجبت نقله إلى المستشفى العسكري حيث كان يشتغل والده طبيبا للأطفال.


ومازالت التحقيقات متواصلة وستكشف القضية عن المزيد من أسرارها.